* مريم البلوشي: لغة صامتة تنقل الأفكار والرسائل بلا مترجم
* علي العبدان: لا تعترف بنوازع شخصية قد تتسم بالعنصرية
الفجيرة: «الخليج»
أكدت ندوة نظمها المتحف الرقمي للفن التشكيلي الإماراتي التابع لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، مساء أمس الأول، أن الفنون البصرية أحد ميادين التسامح المهمة باعتبارها صوراً حضارية للمجتمعات تتجاوز التقسيم وتقبل الآخر وترتقي إلى كونها منجزاً بشرياً يملكه الجميع.
الندوة التي حملت عنوان «التسامح وفكرة قبول الآخر في الفنون البصرية»، حضرها خالد الظنحاني رئيس الجمعية، واستضافت عبر تطبيق «زووم»، النحات والناقد الفني السوري د.محمود شاهين، والناقدة والفنانة التشكيلية المصرية د.أمل نصر، والفنان والناقد الفني الإماراتي علي العبدان.
وأدارت الحوار الفنانة المهندسة مريم البلوشي التي أوضحت في مستهل حديثها أن الفن هو الصورة الحضارية لأي مجتمع، واللغة الصامتة التي تنقل الأفكار والرسائل دون مترجم، باعتبارها التجربة المتجردة في لحظتها المتوشحة بروح المشاعر التي تنتقل بصدق من روح الفنان للمجتمع الصغير، ومن ثم الكبير.
وأكد شاهين أن للفنون التشكيليّة مهمة عظيمة عليها تأديتها في الحياة وللحياة، مضيفاً أن «هذه المهمة تبدو مطلوبة بإلحاح شديد في وقتنا الحالي الطافح بالتوترات والمشاكل والخلافات، بين الأمم والشعوب، ذلك لأن هذه الفنون لم تكن يوماً عنصر ترف في التجربة الإنسانيّة، ولا عاشت على هامشها، وإنما كانت وستبقى أهم أوعية الحضارة، وأبرز عناوين التقدم والرقي، وهي نتاج مشترك ساهمت فيه البشريّة جمعاء، وراكمته من خلال التعاون والتسامح والتواصل».
وأشار إلى ضرورة مد جسور المحبة والاحترام بين الشعوب والأمم، وتحطيم جدران الانعزال والتطرف والعداء، لأن البشريّة أسرة واحدة، تتأكد كينونتها وتتسامى بالحوار المتكافئ، والمحبة المتبادلة، والسعي الجاد، لتطوير الحياة وصونها، والتأسيس الصحيح والسليم لمستقبل أجيالها.
وأكد أن الحداثة التي شهدها الفن العالمي مطالع القرن الماضي، ما كانت لتتم، لولا إخراج الفنان الأوروبي رأسه من الأرشيف البارد للإرث الإغريقي ـ الروماني، وتمزيق (أوروبيته الضيقة) والتواصل مع الأمم.
وأوضحت د.أمل نصر أن العالم يعيش حالة من التقارب والاتصال والمشكلات المشتركة، وأننا نستطيع من خلال ذلك أن نسعى لإقامة صيغة حضارية جديدة تأخذ فى اعتبارها هذا التنوع الإنساني الخلاق وتسعى إلى التركيز على القواسم المشتركة بين حضارات العالم جميعاً، وتبني ثقافة التسامح وقبول الآخر لرسم خرائط عقلية جديدة للإنسانية، تتأسس بها علاقات التفاعل المتبادل والقبول السمح للآخر.
وأشارت نصر إلى أن «إعادة قراءة فنون هذه الحضارات وإدراك الاتجاهات الدفينة لمراحل الخلق في الماضي كانا بمثابة مواصلة أصيلة للهدف الأساسي الممتد عبر آلاف السنين في كل العهود، وكل الحضارات، وهو تجاوز اللوحة الوصفية الزخرفية لخلق عالم مختلف عن عالم الطبيعة». وأضافت:«بشكل عام، فإن هذا التواصل ما بين الفنان الحديث والفنون البدائية وفنون الحضارات القديمة والحضارات الشرقية وضع الفنون الغربية على مسارها الجديد بروح تعتمد على فكرة قبول الآخر بعيداً عن تقصي النموذج الغربي وحده».
واستعرض العبدان في مداخلته قيمة التصالح والتسامح في الفنون البصرية إنثروبولوجياً عبر تقسيم المعرفة الإنسانية إلى ثلاث مراحل: البدائية حيث كانت المعارف والفنون تعتمد على التعامل مع السحر والوثنية لخلق التصالح مع الكون، ثم مرحلة الديانات السماوية حيث كانت المعرفة تستقي من الوحي أو الدين، ثم المرحلة الأخيرة التي تأتي في التقسيم الأنثروبولوجي، وهي مرحلة العلم الحديث حيث تتسم بالنزعة الموضوعية في المعرفة، الأمر الذي يعني حجب أية نوازع شخصية قد تتسم بالعنصرية وعدم التسامح في العلاقة مع الآخر.
وأوضح العبدان أن «الفنون البصرية كانت محل جدل كبير في الأوساط الفنية والثقافية في المجتمع، ذلك لأن الفن في الإمارات كان منذ البدايات قابلاً للاختلاف والتنوع في الإنتاج الفني، وهذا ما أثار الكثير من ردود الفعل التي وصلت إلى حد الاعتراض على عرض بعض الأعمال أحياناً، إلا أن اهتمام قيادات الدولة بنشر الثقافة الفنية، وتشجيع الفنون البصرية، وتنظيم المعارض، وإصدار المؤلفات النقدية جيدة المحتوى، أدى إلى مرحلة جديدة من التفهم والتسامح».
URL:
http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/6263e8bc-7500-451a-9f93-84c788d3c868