أكّد وزير التربية والتعلم في دولة الامارات العربية، حسين بن إبراهيم الحمادي، أن قطاع التعليم العالي بالدولة مبني على قاعدة صلبة، ويلعب دوراً مهماً في تكريس خطط التنمية المستدامة لعام 2030، حيث تحتضن الدولة أكثر من 1200 برنامج أكاديمي معتمد في مختلف التخصصات في مؤسسات التعليم العالي المرخصة في الدولة، وتحظـى بأكبر عـدد لفـروع الجامعـات الأجنبية في بلـد واحد على مسـتوى العالم. كما تتميز بتنـوع الأنظمة التعليميـة المطبقـة فيها مع وجود قاعـدة وطنية مشـتركة يتعيـن علـى جميـع المؤسسات الالتزام بهـا مـن خلال تطبيـق معاييـر الترخيـص والاعتماد الأكاديمي، والوفـاء بمـا تفرضـه مواصفـات المسـتويات المختلفـة للمؤهلات المحـددة مـن قبـل المنظومـة الوطنيـة للمؤهلات.
جاء ذلك خلال ورشة عمل وطنية بعنوان " تفعيل دور الجامعات الإماراتية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030" التي نفذها المركز الاقليمي للتخطيط التربوي بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، ومنظمة اليونسكو، واللجنة الوطنية الإماراتية للتربية والثقافة والعلوم، ومكتب اليونسكو الإقليمي للدول العربية في بيروت ومكتب اليونسكو شبه الاقليمي لدول الخليج، وبمشاركة 13 جامعة في الدولة.
وتهدف الورشة إلى تزويد ممثلي مؤسسات التعليم العالي في الإمارات بجوانب متعددة وعامة عن أهداف التنمية المستدامة، وعلاقتها بالعمل المتنوع للجامعات، وتزويد ممثلي مؤسسات التعليم العالي في الإمارات بمعلومات عملية حول كيفية المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والدور الذي يمكن القيام به.
وقال الوزير حسين بن إبراهيم الحمادي، في الكلمة الافتتاحية، إن هذا الدور الحيوي لمؤسسات التعليم العالي لا يقتصر بشأن تحقيق التعليم الجيد والشامل فقط، بل يمتد تأثيره عبر تحقيق مختلف الأهداف من خلال التدريس والتعلم، ومخرجات البحث، ومبادرات الحرم الجامعي، ومؤسسات التعليم العالي، بما يسهم في تسهيل التنمية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، مشيراً إلى أن مؤسسات التعليم العالي أضحت واحدة من أهم حاضنات الأفكار والحلول للمشاكل العالمية وتتمتّ‘ بموقع مركزي بين شبكات الحكومة والمجتمع المدني وشركاء الصناعة، ما يعني أن لديها إمكانات هائلة لتوليد تأثير إيجابي.
وأكّد أن الخطوات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم عبر وضعها لخارطة طريق التعليم، التي تستمد من الرؤى والمستهدفات الوطنية مسارها ومهامها وأهدافها، وتتوافق مع أهداف التنمية المستدامة 2030 تسير وفق منهجية راسخة واضحة محددة المعالم، وباتت تؤتي ثمارها كونها نابعة من رؤية عميقة ودراسات مستفيضة.
وأشار أيضاً إلى أنّ الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي في دولة الإمارات تهدف إلى تطوير منظومة تعليمية مبتكرة وعالية الجودة في المسارات الأكاديمية والمهنية على حد سواء، تحقق مخرجات بحثية مؤثرة وتساهم في رفد عجلة اقتصاد المعرفة. وأضاف: "ترتكز الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030 على 4 محاور رئيسية، وهي الجودة والمواءمة والكفاءة والابتكار، كما تحظـى دولـة الامارات العربيـة المتّحـدة بأكبـر عـدد لفـروع الجامعـات الأجنبية في بلـد واحد على مسـتوى العالم، مما ساهم في تحقيق مؤشرات التنافسية العالمية من خلال نسبة الدارسين في الدولة من غير المواطنين".
وشاركت 13 جامعة في الورشة، وقدمت خمس جامعات بالدولة، وهي الإمارات، وخليفة، وزايد، والجامعة الأمريكية في الشارقة، وكليات التقنية العليا بالشارقة، عروضا متخصصة، استعرضت من خلالها استراتيجياتها و خططها و ارتباطها بالاستراتيجيات الوطنية وأهداف التنمية المستدامة، من حيث إدماج هذه الاهداف في برامج وأنشطة الجامعة المجتمعية وبرامجها البحثية و كيفية تطبيق هذه الأهداف على مستوى المبنى الجامعي والأنشطة الطلابية و البرامج الاكاديمية والبحثية، ليتمّ من خلالها اختيار تحديات تطبيق هذه الأهداف والتغلب عليها وطنياً و إقليميا وعالمياً. كما استعرضت شراكاتها الإستراتيجية و الفنية في خدمة هذا المجال.
من جانبها، قالت مهرة المطيوعي، مديرة المركز الاقليمي للتخطيط التربوي، في كلمتها، إنه مع إنطلاق أهداف التنمية المستدامة، فإن الكثير من الجامعات على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي بدأت في مراجعة أجنداتها وخططها واستراتيجياتها للبدء في طرح وتنفيذ مبادرات ومشاريع تتسق وتعمل على دعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وذكرت أن الجامعات بدأت في تنسيق أنشطتها مع أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى الدور الفعال الذي تقوم به مؤسسات التعليم العالي في معالجة التحديات الملحة في العالم، وأنّ المجتمع الدولي يدرك الأهمية الأساسية للتعليم العالي لتحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة ال 17(SDGS)، والتي تهدف إلى القضاء على الفقر، وحماية الكوكب، وتعزيز المساواة بين الجنسين، والدفاع عن الثقافات والتفاهم الثقافي وتعزيزها، وتكرس الجامعات نفسها لمساعدة العالم على تحقيق تلك الأهداف.
من ناحيتها، أكّدت سلمى الدرمكي، الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، بأنّ هذه الورشة تمثل مبادرة نوعية ومتميزة، لتحفيز وتشجيع مؤسسات التعليم العالي على وضع الخطط والبرامج الرامية إلى المساهمة في تحقيق كافة أهداف التنمية المستدامة، وعدم اقتصارها على الهدف الرابع المتمثل في جودة التعليم. واعتبرت أنّ الدور الذي يقع على عاتق مؤسسات التعليم العالي دور مهم وأساسي، ولا يقتصر على البحث والابتكار، بل يشمل ما هو أهم من ذلك وهو العنصر البشري، فطلاب اليوم هم قادة المستقبل الذين سيواصلون العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فكلما كان فهمهم وإدراكهم أوسع لهذه الأهداف، انعكس ذلك إيجاباً على تعاملهم معها مستقبلاً.
وقدّم الدكتور أنس بوهلال، اختصاصي برنامج التعليم العالي في مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية في بيروت، عرضاً متخصصاً عن أهمية دور مؤسسات التعليم العالي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، واستعرض التجارب الاقليمية في هذا المجال واستراتيجيات دمج أهداف التنمية المستدامة في خطط و برامج الجامعة، خاصّةً فيما يتعلق ببرامج البحث العلمي ودورها في معالجة التحديات التي تعوق تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويات الوطنية والاقليمية والعالمية، مما يعمل على إبراز جهود الدول في هذا المجال. كما استعرض برنامج كراسي اليونسكو UNITWIN وواقع الجامعات الوطنية والاقليمية والعالمية بالنسبة للانضمام لهذا البرنامج، وشرح نبذة عن كراسي اليونسكو وأهميتها في دعم البحث العلمي وآليات واستراتيجيات الانضمام لها، وعائد ذلك على الجامعة والدولة.