حدث ظهور الإسلام نقلة نوعية في الحياة السياسية بالجزيرة العربية، حيث نجح الدين الجديد في تفكيك البنى القبلية، وتغيير المفاهيم الطبقية القائمة على الانتماءات الضيقة، لصالح مفهوم الوطن الذي يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات، وهو ما تجلى بوضوح في وثيقة المدينة التي نظمت العلاقة بين المسلمين واليهود وغيرهم، باعتبارهم جميعا أمة من دون الناس، و على الرغم من ذلك مازال البعض ينادي باعتبار غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية، لا ولاية لهم ولا مساواة معهم في بلاد المسلمين، وهو ما يتعارض مع الأسس التي قامت عليها الدولة الوطنية الحديثة، باعتبار الدين لله، والوطن للجميع! ويطرح السؤال نفسه: هل يمكن لمفهوم الدولة أن يقوم على اعتبارات دينية تقصى الآخر وتتجاهل وجوده؟