يعد التنوع الثقافي أحد المواضيع التي انشغلت بها السياسات الدولية والمنظمات العالمية في الآونة الأخيرة. وقد كان لهذا الاهتمام صدى خاصاً في بعض الدول المتقدمة لِمَا وجدت في تطبيقاتها لبعض آليات تعزيز التنوع الثقافي من إثراء رأس مالها البشري وميزة تنافسية استطاعت به نشر نفوذها ثقافياً بالقوة الناعمة. ومن أجل الوقوف على ماهية التنوع الثقافي في العالم المعاصر وآليات تعزيزه في التعليم قبل الجامعي يعتمد البحث الحالي على المنهج الوصفي التحليلي عملاً على وصف الظاهرة البحثية موضوع البحث، وتحليل العلاقات المتشابكة والمكونة لنسيجها، وعليه تتوزع المعالجة البحثية في هذا البحث على ثلاثة محاور رئيسة؛ أولها يتعلق بالتنوع الثقافي بالمجتمعات المعاصرة، والثاني يدور حول أهم آليات تعزيز التنوع الثقافي بالتعليم قبل الجامعي في العالم المعاصر، والثالث يتوصل إلى أهم الاستخلاصات النظرية حول التنوع الثقافي وآليات تعزيزه بالتعليم قبل الجامعي في العالم المعاصر. وقد توصل البحث إلى عدد من الاستخلاصات لعل من أهمها صعوبة افتراض وجود نظام موحد يمثل النظام الأمثل في مسألة تعزيز التنوع الثقافي إذ أن في ذلك احتكار لمفهوم التنوع ذاته وخرق له، وأن التعزيز الحقيقي للتنوع الثقافي يحتاج إلى حراك سياسي مجتمعي تربوي تعليمي مدرسي شامل، وأن العناصر الثلاثة- الإدارة والمعلم والمقرر الدراسي- الأبرز في قيادة أي تطوير للنظم التعليمية الرامية لتعزيز التنوع الثقافي، وأن نماذج التعليم ثنائي اللغة ذات الطابع الإضافي الأمثل في تعزيز التنوع الثقافي خاصة في الدول التي تهدف سياساتها إلى صيانة ثقافات شعوبها الأصلية، وأنه ينبغي أن تتجاوز إدارة المدرسة دورها الإداري إلى دورها القيادي، وأنه منوط بقيادة المدرسة بشكل رئيس التحرك بإيجابية نحو أشكال التحيز.