تهدف هذه الدراسة إلى الوقوف عند الوظائف التربوية لتدريس مادة التاريخ، خاصة ما يتعلق منها بمعالم الهوية الوطنية والذاكرة الجماعية. وقد ركزت الدراسة على أبعاد وتمثلات المعرفة التاريخية المدرسية من خلال استحضار البعد الزمني والبعد المجالي ثم البعد المجتمعي والموضوعاتي ذي العلاقة بالقضايا المجتمعية الكبرى؛ كما وقفت عند الوظائف التربوية والاجتماعية والسياسية والثقافية لتدريس التاريخ وأهميتها في تشكيل مؤشرات الهوية الوطنية لدى المتعلمين. لم تكتف الدراسة باستحضار تلك الأبعاد والوظائف فقط، بل تعداها لتحليل العلاقة الجدلية القائمة بين معطيات وعناصر السياق السوسيوسياسي والثقافي المهيمنة على المشهد ومستجدات التاريخ الأكاديمي والبحث التربوي والديداكتيكي من جهة وبين تطورات الخطاب التاريخي المدرسي كما تعكسه الوثائق التربوية ذات الصلة مثل المنهاج التربوي والكتب المدرسية والدعامات الديداكتيكية المصاحبة. وقد استنتجت الدراسة كون تطور معطيات الخطاب التاريخي المدرسي رهينةٌ بدينامية تحوالت الحياة االجتماعية والسياسية مع استحضار التفاوتات المسجلة في درجة الحضور بين القوى الاجتماعية والسياسية داخل المشهد السياسي الوطني بالمغرب. ومن ثم فرضت التطورات العلمية التي عرفها مجال تدريس التاريخ على مضامين كتب التاريخ المدرسية، بخصوص قضايا الهوية الوطنية، أي إستراتيجية مغايرة؛ حاول واضعو المناهج التربوية ومؤلفو الكتب المدرسية والمضامين المعرفية للمواد الاجتماعية بلورتها وتطويرها حتى تستجيب لتطلعات مبدأ التعددية الثقافية التي تطبع الكثير من المجتمعات.