تعاني أغلب الدول النامية من عدم المساواة بين الجنسين في التعليم، الصحة، فرص التشغيل، الأجور وفرص التمثيل والتمكين السياسي وغيرها، حيث وُجد أن هذه الأخيرة - حسب ما توصلت إليه أغلب الدراسات السابقة في هذا الموضوع-لها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي، والذي يعد من الأهداف الاقتصادية المهمة على المستوى الكلي، ما دفع بالباحث إلى دراسة العلاقة بينهما في الجزائر.
هدفت الدراسة بشكل أساسي إلى اختبار أثر عدم المساواة في التعليم بين الجنسين على النمو الاقتصادي في الجزائر، باستخدام بيانات سنوية تغطي الفترة من 1980 إلى 2014، ولتحقيق ذلك تم تصميم نموذج قياسي يستند إلى النظريات الاقتصادية والدراسات العلمية المنشورة ومن ثم تطبيقه على الجزائر، كما تم استخدام اختبارات التحليل القياسي المناسبة، أما البيانات فتم الحصول عليها من موقع البنك الدولي (WB) وموقع منظمة اليونسكو.
بينت نتائج التحليل القياسي وجود علاقة إيجابية طردية ذات دلالة إحصائية بين متغير عدم المساواة بين الجنسين في التعليم الثانوي والنمو الاقتصادي في الجزائر (ما يعني أن هناك مساواة بين الذكور والإناث في الالتحاق بالتعليم الثانوي)، ووجود علاقة عكسية ذات دلالة إحصائية بين متغير عدم المساواة بين الجنسين في التعليم الابتدائي والنمو الاقتصادي في الجزائر (ما يعني أنه ليس هناك مساواة بين الذكور والإناث في الالتحاق بالتعليم الابتدائي)، كما بينت وجود علاقة طردية إيجابية ذات دلالة إحصائية بين كل من الانفتاح التجاري، رأس المال وعكسية بين عرض العمل وبين النمو الاقتصادي في الجزائر.
أوصت الدراسة بضرورة العمل على القضاء على مسببات عدم المساواة في التعليم بين الجنسين في الجزائر أو على الأقل التقليل منها قدر الإمكان لما لها من أثر سلبي على النمو الاقتصادي، وذلك عن طريق دعم المنظومة التعليمية من بناء مدارس جديدة بالمناطق الريفية والنائية، تعبيد الطرقات لتسهيل وصول التلاميذ بأمان إلى المدارس، تجهيز المدارس بالوسائل اللازمة لإتمام العملية التعليمية على أكمل وجه، نشر الوعي عبر وسائل الإعلام المختلفة بأهمية تعليم الإناث، سن تشريعات بإجبارية تعليم الإناث، تشجيع الطلب على الإناث في سوق العمل كمحاولة لرفع معدل إقبالهن على التعليم باعتباره محددا أساسيا للحصول على وظيفة جيدة.