جاءت تصريحات محمد في كلمتها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السابع عشر للدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي انطلق اليوم الثلاثاء ويستمر حتى 13 حزيران يونيو. يركز المؤتمر على ثلاثة مجالات رئيسية وهي التعاون الدولي لتعزيز الابتكارات التكنولوجية ونقلها من أجل مستقبل شامل للجميع، والأشخاص ذوو الإعاقة في حالات الخطر وحالات الطوارئ الإنسانية، وتعزيز حقوقهم في العمل اللائق وسبل العيش والمستدامة.
أما العنوان العريض للمؤتمر فهو "إعادة التفكير في إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل الظروف الدولية الراهنة واستعدادا لقمة المستقبل".
وقالت نائبة الأمين العام إن الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الطوارئ الإنسانية مثل الكوارث الطبيعية والصراعات المسلحة، مازالوا يتركون خلف الركب. وأضافت أن 39 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة "يواجهون صعوبة كبيرة، أو ببساطة غير قادرين على الإخلاء في حالات الخطر أو الطوارئ الإنسانية. وهذا أمر غير مقبول"، مشيرة إلى أن هذه النسبة ظلت على حالها تقريبا منذ عام 2015.
وقالت إنه يجب إدراج الأشخاص ذوي الإعاقة في التخطيط والاستعداد للكوارث، فضلا عن العمليات الرامية إلى التخفيف من المخاطر والحواجز التي يواجهونها.
وشددت على أن "الأطفال ذوي الإعاقة معرضون للخطر بشكل خاص، ويواجهون مخاطر جسيمة في حال تركهم خلف الركب. كما رأينا منذ سنوات في سيراليون، وكما نرى اليوم في غزة".
الاستثمار في التكنولوجيا
وعن التكنولوجيا والأشخاص ذوي الإعاقة، قالت المسؤولة الأممية إن الحاجة العالمية إلى التكنولوجيا المساعدة مازال لا تتم تلبيتها إلى حد كبير، حيث إن 2.5 مليار شخص على مستوى العالم يحتاجون إلى استخدام نوع واحد على الأقل من التكنولوجيا المساعدة.
ودعت إلى زيادة الاستثمارات بشكل كبير في التكنولوجيات المساعدة التي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى التعليم وكسب لقمة العيش والمشاركة الكاملة في مجتمعاتهم.
وأشارت أيضا إلى أنه بالنسبة للعمل اللائق، "واجه الأشخاص ذوو الإعاقة مخاطر أكبر للفقر واستمروا في التهميش في مجتمعاتهم"، داعية إلى ضمان المساواة لهم وحقهم في العمل اللائق وتكافؤ الفرص في التوظيف.
وفي ختام كلمتها، ذكـّرت نائبة الأمين العام "بالصراعات الشرسة التي تؤثر على عالمنا اليوم، في السودان وأوكرانيا وفلسطين".
ونبهت إلى أن هذه الصراعات تستمر في التسبب في معاناة لا يمكن تصورها وخاصة للنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة. وجددت النداء إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري في فلسطين".
شجاعة وعزيمة
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيس وجه كلمة مسجلة بالفيديو للمجتمعين في الجلسة الافتتاحية، ذكر فيها أنه يوجد أكثر من 1.3 مليار شخص في جميع أنحاء العالم من ذوي الإعاقة، "وهم من بين الفئات الأكثر ضعفا، حيث يعانون من مستويات غير متناسبة من الفقر والتهميش والتمييز".
لكنه أشار أيضا إلى وجود العديد من الأمثلة الإيجابية لما يقدمه الأشخاص ذوو الإعاقة، "الذين ما زالوا يلهموننا بشجاعتهم وعزيمتهم، ويذكروننا بما يمكن تحقيقه عندما يتم تمكينهم ودعمهم للوصول إلى أقصى إمكاناتهم".
وأكد أنه مع انضمام 190 دولة إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن التصديق شبه العالمي عليها يعكس تضامنا عالميا متزايدا مع حقوقهم والتزاما بها.
ودعا فرانسيس جميع الحكومات وأصحاب المصلحة إلى تعميم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ودمج آرائهم في جميع تصميمات السياسات وتنفيذها، والتعاون مع الأشخاص ذوي الإعاقة لخلق وتقديم الحلول في كل بلد ومجتمع، والتصرف بشكل عاجل لدعم حقوقهم.
"فرصة فريدة"
السفير التونسي لدى الأمم المتحدة ورئيس المؤتمر السابع عشر للدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، طارق الأدب قال إن هناك الكثير مما يتعين، ويمكن، القيام به لإحداث فرق في حياة أكثر من 1.3 مليار شخص من ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم.
وأكد أن المؤتمر سيوفر "فرصة فريدة لنا للتفكير بشكل جماعي في الخبرات والدروس المستفادة بمرور الوقت، وتحديد الثغرات الموجودة في تنفيذ الاتفاقية وخطة 2030 من خلال تعزيز الجهود الرامية إلى تعزيز إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة".
وأشار إلى أن المؤتمر هذا العام يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى الظرف الدولي الراهن، والتحديات الماثلة والمستجدة، وقبل انعقاد قمة المستقبل في شهر أيلول/سبتمبر القادم. ووجه تحية إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، "الذين ما فتئوا يبهروننا ويلهموننا بقوة إرادتهم للحياة، وتحديهم لكل الصعوبات، وبإنجازاتهم وطاقتهم الإيجابية".
فرص ومخاطر
بدورها، أكدت هبة هجرس، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن هناك الكثير مما يتعين القيام به وخاصة في ظل التحديات العالمية المتمثلة في الصراع المسلح وتغير المناخ والأزمة الاقتصادية.
وأضافت أن "العالم يتغير بسرعة على العديد من الجبهات. وهذا يخلق فرصا ومخاطر لحماية وممارسة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بما يتماشى مع اتفاقية حقوقهم، أو ما إذا كانت ستؤدي إلى انتكاسة وإقصاء".
وأشارت إلى أن التطور السريع للتكنولوجيات الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يكون بمثابة تغيير جذري لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، "ولكن فقط إذا تم تضمينهم في التصميم واللوائح لمنع التأثيرات التمييزية".
وأكدت أن الكثير من عملها الموضوعي المستقبلي الذي ستركز عليه سيكون في مجال التغييرات التحويلية والمنهجية، مشيرة إلى أن هناك ارتباطا وثيقا بين اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأهـداف التنمية المستدامة.
وأفادت بأن تقريرها الأول الذي ستقدمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا العام سيتناول إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم في أهداف التنمية المستدامة والمناقشات ذات الصلة.
فرصة للتغيير وكسر القيود
خديجة جلولي، شابة من تونس، تحدثت عن تجربتها أمام الحاضرين في الجلسة الافتتاحية، فهي الرئيسية التنفيذية لشركة "هوكار" الناشئة والمخصصة لتحسين حياة الناس من خلال توفير حلول التنقل الكهربائي الملائمة والمتاحة والمستدامة.
وقالت خديجة وهي من الأشخاص ذوي الإعاقة "عندما كنت أكبر، واجهت قيودا جسدية كان من الممكن أن تهمشني. لكنني رفضت قبول تلك القيود. وبدلا من ذلك، حولت وجهة نظري الفريدة إلى فرصة للتغيير".
وأكدت أن الرسالة التي توجهها للمجتمعين "تتحدث عن جوهر إنسانيتنا المشتركة. وأهمية كسر الحواجز أمام الإدماج في الحياة الاجتماعية".
وأكدت أنه من أجل خلق مجتمع أكثر عدلا وإنصافا، يتعين دعم الشركات الناشئة مثل هوكار لتكون صانعة للتغيير ومناصرة للإدماج. وأضافت "يتعين علينا ألا نجعل الإدماج مجرد حلم، بل حقيقة واقعة حيث لا يتخلف أحد عن الركب".