وصل أحمد البالغ من العمر 19 ربيعاً وعائلته الى شمال الأردن واقاموا في مدينة المفرق عام 2012، قادمين من سوريا وليس بيدهم الحيلة سوى العزيمة والإصرار، ورغم هذه الظروف العصيبة، يعلمنا أحمد درسا قيماً عن المثابرة في قصته المُلهمة.
كان أحمد منذ صغرهِ يعمل في متجرٍ لبيعِ الملابس، حيث يقوم بترتيبها والعناية بالمكان لفترةٍ دامت سنتين، محاولا أن يساعد عائلته للوصولِ بها الى مكانة مرموقة. بعد هذا، استطاع رب الأسرة أن يجد مهنةً في احدى مباني عمان كحارس لها وليقضي حاجات السكان، مما مكنه من الحصول على مُلحقٍ للسكن في المبنى نفسه. مما أهّل احمد ليلتحقَ بالدراسة ثانيةً رغم انه فقد عامين دراسيين، مبتدئا في الصف الخامس بدلا من السابع. ولبضعةِ سنواتٍ، تنقل أحمد بين الدراسة والعمل وكان قد أنهي الصف الدراسي الثامن ليعود الى سوق العمل مرة ثانية مستأجراً احدى العربات كبائعٍ متجول، لبيع الفول والذرة والترمس.
عندما علمت عن هذه المنحة، شكّلت لي دافعا وحماسا للالتحاق بالجامعة، لأنها لم تكن تتطلب مستوى علمي او درجة أكاديمية تعادل شهادة التوجيهي، فتقدمت على الفور واخترت اختصاص الفندقة. وقد كنت تنقلت من عملٍ الى اخر لفترة وجيزة. ورغم هذا تلقيت انتقاداتٍ لاذعة من عائلتي والمجتمع المحيط بي، وكانوا دائما يلمحون بالكلام باني لم أكمل دراستي. ما أثار حفيظتي وشعرت باليأس والإحباط، ولكن لم يكن لدي البديل او حتى الخيار أن افعلَ شيئاً، لان الواقع كان يحتم علّي بأن أجني المال باي طريقة ممكنة
--Ahmad Al-Turk
وتلك المنح الدراسية مقدمة كجزءٍ من مشروع منظمة اليونسكو "توفير التعليم التقني والتدريب المهني للشباب الأردني، واللاجئين السوريين" بدعمٍ من حكومة جمهورية كوريا، وبالتعاون مع كلية لومينوس الجامعية التقنية. (كلية القدس سابقا). وفي سياق المشروع، تعمل اليونسكو عن كثب على توفير برامجَ تدريبية هادفة وذات جودة عالية تسعى الى تحسين المهارات اللازمة لسوق العمل للشباب. حيث يتماشى المشروع مع خطة التنمية المستدامة 2030 وخاصة الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، والتي تحرص اليونسكو على تحقيقها لضمان التعليم الجيد، المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة.
وعندما وصل الى مسامعي الخبر، واني قد قُبلت بالبرنامج، كانت فرحتي عارمة. وفي هذه اللحظة أدركتُ بان الحظ طرق الباب، لكي اعود لصفوف الدراسة التي فاتتني، وأُثبت نفسي من جديد. ومن هذه اللحظة شعرت بأنني سأسير بخطى واثقة نحو التغير والى الأفضل. رغم ان البرنامج كان في البداية عالي المستوى ولكني اكتسبت المعرفة، المهارات والثقة. وإحدى تحدياتي كانت التأقلم مع اللغة الإنجليزية، ولكني كنت تواقاً بان اتعلم بسرعة خلال اندماجي بالبرنامج. لان عالم الفندقة، يتطلب إيجاد اللغة الإنجليزية، حيث هذا المجال يتطلب التعامل مع السياح والأجانب من جميع ارجاء العالم. وفي الحقيقة كان برنامج "تقديم الغذاء بأمان" الذي تدربت عليه في الجامعةـ أضاف قيمة معرفية كبيرة لي بطبيعة الحال.
-- Ahmad Al-Turk
سعادة السفير لدى جمهورية كوريا لي جاي وان، يُفرحه جدا التأثير الإيجابي لمشروع التعليم التقني والتدريب المهني. "تعتقد جمهورية كوريا ان الشباب مثل احمد نموذجا ومثالا قوياً للأخرين، حيث اثبتوا العزيمة والمثابرة. ولدى الشباب فرصة للازدهار وتحفيز مهارات جديدة من خلال التعليم التقني والتدريب المهني. يسعدنا ان نستمر في تقديم هذا الدعم القيّم من خلال مشروع اليونسكو هذا".
في أوائل 2019 أنهي احمد العمل والتدريب الميداني كجزءٍ من برنامجه، وبدأ بطرق الأبواب لسوق العمل والشركات التي تبحث عن موظفٍ يتماثل مع كفاءته وخبرته ومجاله. وبعد 3 أيام، وجد وظيفة كنادل في احدى مطاعم عمان حيث تدرب سابقاً. ويقول احمد في رسالة أخيرة يوجهها للشباب ولأولئك الذين مازالوا بالبحث عن طريقهم "إذا فقدتم الأمل في الحياة، لا تستسلموا فستجدونه مرة أخرى. هذا البرنامج أعاد الأمل لحياتي، والان عائلتي فخورة بي. وعندما أفكر بالمستقبل، اشعر ان كل شيء سيكون على ما يرام".
URL:
https://ar.unesco.org/news/tlb-swry-ythd-lsb-wfrs-mhny-tdryby-tlwh-fy-lfq