تنطلق هذه المداخلة من أن تعليم مادة التاريخ له أهداف أبعد من بناء ذاكرة جماعية. فالتربية في إطارها الواسع تهدف إلى بناء المواطنية والى تحضير المتعلّم للعيش والاندماج والتفاعل مع الغير والتكيّف في عالم سريع التغيّر وكثير التحديات. كثيرون من طلابنا يقولون إن التاريخ لا معنى له بالنسبة لهم وأن صفوف التاريخ لا تحثّهم على التفكير أو إبداء الرأي ولا تعطيهم الفرصة لتطوير الذات. ما تطرحه هذه الدراسة هو طريقة تعليمية جديدة ناشطة تساهم في جعل تدريس التاريخ أكثر جاذبية وقبولاً من قبل المتعلّمين، كما تعزّز دور "صف التاريخ" لتجعله شريكاً في بناء المهارات وتحفيز القدرات الأساسية عند المتعلّمين. وكلّ ذلك يصب في تأهيل مواطن قادر على التفكير النقدي والمبادرة والتحلي بالمسؤولية والتعاون والعمل بايجابية ضمن مجتمعه والتعلّم مدى الحياة. انطلاقا من تجربة ميدانية، جاءت هذه المداخلة لعرض طريقة جديدة متكاملة تجعل من تعليم التاريخ مدخلاً إلى بناء المواطنية بما تشترطه من مهارات وقدرات علينا أن ننمّيها عند المتعلّم حتى يصبح مواطناً قادراً على التفاعل والاندماج في عالم سريع التطوّر وكثير التحديات. تعرض المداخلة باختصار لثلاث نظريات أخذت حيزاً مهمّا من البحث التربوي وكان لها الأثر الكبير في التغيرات التي طالت العملية التعليمية–التعلمية في العقدين الأخيرين: التعلّم القائم على الدماغ، التعلّم البنائي، والتعلّم القائم على المشكلة. نركّز على هذه النظريات لأنها تشكل الأساس لطريقة التعليم التي نقترحها والتي بنيت أسسها انطلاقاً من هذه النظريات الثلاث. إن الطريقة التدريسية المقترحة في هذه الدراسة هي واحدة في سلّة واسعة من الطرائق التدريسية التي يمكن أن نتبعها في تدريسنا لمادة التاريخ ومن خلال هذه المداخلة نحاول أن نظهر جدواها وانعكاساتها على تعليم التاريخ عامّة. فلا بدّ لنا اليوم ونحن نخطط لمناهج جديدة أن نضع القرن الحادي والعشرين أمام أعيننا وننطلق منه لتعليم الماضي وليس العكس.