عانت ليبيا شأنها كغيرها من دول العالم الثالث من مشكلة األمية كأحد أهم التحديات التي واجهت والتزال تواجه مسيرة التقدم التي تسعى اليها. وقد مرت البالد بمراحل تخلف واستعمار وانتداب كان لها األثر السيء على المستوى الفردي والمجتمعي أدى الى تأخر التنمية البشرية وإضعاف خطى التطور والبناء. ونظرا ألهمية التعليم في بناء األمم سعت ليبيا منذ فترات بعيدة الى نشر العلم والتعلم بين شرائح المجتمع المختلفة صغارا وكبارا وكان الطموحات كبيرة فيما يخص برنامج محو األمية منذ الخمسينات وحتى يومنا هذا. وقد تنوعت األساليب والطرق التي حوربت بها األمية، فمن األمية األبجدية التي استهدفت شرائح المجتمع التي فقدت فرصتها في التعلم القرائي والكتابي في الوقت المناسب، الى محاولة القضاء على األمية المهنية، والتدريب المهني، واإلعداد الحرفي، والتدريب المنزلي والتثقيف الصحي، من خالل اكساب هذه الفئات المهارات الكافية لتحقيق االستقالل الذاتي، الى محاربة األمية الحضارية والوظيفية والتقنية والتدريبية والتي تستهدف تكوين الكوادر القادرة على سد االحتياجات في سوق العمل. وقد اتبعت الدولة الليبية كل الوسائل والطرق الممكنة للقضاء على األمية من مدارس تعليم الكبار الى المدارس المسائية الى الفصول االستثنائية في أوقات الفراغ، الى المساجد والمنارات والزوايا التي ساهمت في نشر ثقافة حفظ ودراسة القرآن الكريم مما انعكس إيجابا على مستوى التعلم لدى فئات كبيرة ممن لم يتمكنوا من دخول المدارس. هذا باإلضافة الى برنامج الجامعة المفتوحة الذي يعد إنجازا وفر فرصا ذهبية لمن فاتته فرصة التعليم الجامعي كما حققت الدولة من خالله نوعا من التوازن بين القوى العاملة والمستويات العالية للتعليم لهذه القوى. وقد حققت ليبيا مراتب عالية من حيث قدرتها على مواجهة األمية ونشر الوعي والثقافة األبجدية باإلضافة الي تحقيق مراحل ملموسة من ناحية األمية التقنية. وقد أثبتت التقارير أنها تبوأت مراتب متقدمة في سلم الدول التي نجحت في محاربة شبح األمية بأنواعها. غير أنها في الوقت ذاته التزال تواجه تحديات كبيرة ومشاكل جمة تحتاج الى دراسات مستوفية وجهود جبارة للقضاء عليها.